أيام الطفولة


صغارا كنا, برائتنا تشتت, وتغطي نبع شقاوتنا, ومشاكلنا كلها كانت تحل بدمعة واحدة, لحظة بكاء كافية لتريحنا, لنبكي, فيجتمع حولنا الكبار, يمسحون دموعنا, يمطروننا بالحب والحنان, اذا ما ركبنا حصان العناد و تمردنا حول المكان. وأزعجناهم بمقالبنا وآثرنا الفوض, غفروا لنا و سامحونا, بكل بساطة, فنحن ملائكة في نظرهم, وفلذات كبدهم, نحن نغمات فرح  وسرور تبعث في الأرجاء الطمئنينة, وتعطي للحياة معنى و تفتح الأعين على نعمة كبيرة, اذا ابتسمنا نشرناها عذبة, فآمتدت لتصل عنان السماء, و اذا بكينا ا تجهت كل الأنظار إلينا, وتسارعت الخطوات لإيقاف البكاء و جعله ابتسامة من جديد.. و اليوم كبرنا و كبرت مشاكلنا, كظل لا يلبث يترك صاحبه. تغيرت معاملتهم لنا طالما أن قسمات وجوهنا قد تغيرت, وأجسامنا أخذت تنمو و تصيح, صيحة أنا هنا انظروا إلي.., لتبحث لها عن تفسير. ظلت دموعنا حبيسة ذواتنا, لا تخص أحدا غيرنا, لم يعدوا يرون منابع دموعنا, فلا أحد يعلم أن البكاء الحقيقي هو عندما نكبر حقا, نبكي بصمت كل لحظة مرت أمام أعيننا و لم نفعل شيئا, سوى الإنتظار, لحصول المعجزات, نبكي الآلمنا و عطشنا و لهفتنا و حنيننا لتلك الأيام. لم تعد العصافير تحلق في سماء أحلامنا, كما أن نسيم البراءة لم يعد يهب في كل صباح. بصراحة لم أعد تلك الطفلة ذات الخدود الحمراء, و ظفائر الشعر الطويلة. أصبحت كبيرة بحجم أيامي التي فاتت, فلتودعني أيام طفولتي, و لتصبحي ذكرياتي الحلوة, و يا مرحبا بأيامي الجديدة, وبجسدي الجديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق