أحبك أيتها الانثى الغريبة


آنثى جاءت الى الدنيا. بعينين برئتين , وشفتين حمراوين, كإحمرار الورد في أول أيام الربيع. كإحمرار الدم الساخن في عروقنا. شعرها أمواج ذهبية تتطاير مع الريح. تجيء و تمشي. وتحدث في المكان السحر والدهشة. خدودها منحوتة. دقتها الملائكة على جبل من الماس. وجودها معي يحيرني, يبعثرني الى أشلاء ترفض الإلتحام. أجدك و حيدة رغم الأشياء الكثيرة التي تحوم حولك. التي تتحرك و تخبرك بأن الحياة موجودة. الجسم هنا والعقل أين؟ هل العقل هوالغائب أم الروح؟ أم أنه القلب المجروح. فكآبتك  واضحت, كوضوح الشمس في الظهيرة. من فعل بك هذا؟ لا تحزني فلكل مشكلة حل. أتمنى فقط أن تصارحني. فصمتك مرعب ومخيف. يشعل بداخلي نار الفضول. حول حقيقتك الغامضة, يا ترى ماذا أصف فيك؟ هل أصف جمالك الساحر الذي لا يصدق. أم داخلك الذي يحير. غموضه يشبه ظلام الكهوف. ألتقيتها صدفة. فعرفت منذ ذلك اليوم أن خيطا رفيعا يربطني بها. لذلك لم أبتعد عنها كل تلك المدة. رغم التباعد الحاصل بيننا. عندما نجلس لا تتكلم الى قليلا. وعندما تنطق. أقسم أن الدنيا من حولي تتلاشى و تتقلص الى لا شيء. و طبلة أدني تتفتح كالزهرة عند أول طلوع للشمس, لتسمع حتى همس شفتيها. و كم عشقت تلك الشفتين حتى النخاع. نظرية تحوم في دفاتري تبحث عن فهم وتحليل. ومن أين لي بذلك الذكاء حتى أستطيع صياغة فرضية وجودها معي, و لماذا أنت؟ ومن أنت يا ترى؟ أنا لا أحسبك من البشر. بل ملاك نزل الى الأرض. تائها لا ملجأ له سواي. حسننا كم أعشق  وصفك و ملاحظة كل تحركاتك و تصرفاتك, المتصلة ببعضها , كسلسلة صنعها أكبر تائه على و جه الأرض. عندما ألتيقنا بدا و جهك يطلع من الضباب. شيئا فشيئا. لم تتكلمي بل أدرت رأسك. إستمعت الى صوت عروق رقبتك. أطلت الصمت حسبتك حينها من النوع الكتوم. الذي لا يكثر الكلام. تنحيت و ارتديت عباءة الصمت مثلك تماما. حتى لا أحرج. وكان الصدأ قد لفني من كل جانب. ملاك ملاك.. إستمعت الى صوتك وأنت تنطقين بالإسم. فبدا الصوت مدهشا لك. أسندت جبهتك الى يديك. و كأنك تحاولين إنتزاع الكلمات من تجويف الرأس. و يظل و جودك مسنودا على يديك لفترة قد تطول. لم تجدي في الرأس ما يمكن إقتلاعه من الأفكار و الكلمات و الحكايا... إنسانة غريبة حقا. لكن غريبة بشكل ساحر. كنت تهمسين, و كأنك قد ركبت فوق شفتيك كاتما للصوت. يخفض من صوتك بعد النطق بالكلمات. لدرجة أنه يصبح من الصعب و صولها الى آذان الأخرين. لكن أسمعها بداخلي تتغلغل كضوء الصباح عندما تشرق الشمس. تصغين الى صوتك الآتي من بعيد. المغلف بصدى الكهوف القديمة. تحاولين الإمساك بطفولتك الهاربة. والتعلق بأيام العفرتة و الشقاوة. تلك اللحظات المجدولة من فصوص السكر و قوالب الشهد. أما الآن فأنت آنثى تقطر الأنوثة من أعلى رأسك حتى أغمس قدميك. شموخ وعزة نفس, وخجل يقتلني. من أنت يا ترى؟ كيف دخلت عالمي؟ من أي باب إستطعت النفوذ منه؟ لماذا تتصرفين بتلك الغرابة معي؟ نصف ميتة كنت. تموت الكلمة الوحيدة على شفتيك أثناء محاولة النطق بها. و لا تخرج أبدا. تحاولين التحليق بجناحي زغلول لم يكسهما الريش بعد. زغلول ينام مسترخيا في دفء عش الأم و تحت باطها. عندما تكونين حزينة تبدين مقطبة الوجه, لا تعرف الابتسامة طريقها الى وجهك. حتى لو أجبرت نفسك على الضحك. فإن مشروع الضحكة, كان سيرتد الى داخلك. يجوس في تجاويفك و لا يتجه الى الخارج. و كنت أراقبك و أنت تغرقين في الحزن. وأغرق معك. أجدف لي و لك كي نخرج معا من ذلك البحر العميق. لم أحب في حياتي إنسانة كيئبة مثلما أحببتك. عشقت ذلك الحزن البادي على ملامحك الساحرة. عشقت تلك الدموع التي تنزلق عبر خدودك, والتي أجزم بأن ملوحتها تشبه طعم السكر الحلو. كلما هممت بمسحها بيديك. مسحت معها كل أيامي, بماضيها و حاضرها. أحس انني أحتضر بين دراعيك كلما حضنتني. و هذا سر تفوقك على كل الإناث في عالمي. أراك قادمة نحوي يلمع في مقلتيك بريق هادئ. وتحط عصافير الكون على رموش عينيك الطويلتين. وأحس عندها بأن جسمي يتحدى الجاذبية و يعلو كلما أطلت النظر. يا إلهي كيف جمعت كل تلك المحاسن والصفات الرائعة في أروع إنسانة. هل هي معجزة؟ حاولت التحليق فوق سحاب سمائها. لكن جناحي ضعيفتين أمام نسائمها. ماذا أفعل؟ جن جنوني. أظل أرقص وحدي و لا أعلم لماذا؟ و تضحكين أخيرا. فتضحك الأشياء التي من حولك. بل الكون كله يضحك. رغم المشاكل التي تعيشنها تحزنك أجل, لكن فجأة تبتسمين لها. ابتسامة قبل النطق بالكلمات. ابتسامة قبل نزول الصمت. يا لقدرتك على الابتسام, وأنت تمرين بمواقف صعبة. قطع من النور تضئ ظلال و خفايا ليل جمالك الجميل. جسدك المشدود على قالب من الجمال. سمراء كأنك قطعة نساها الليل و مضى هاربا أمام النهار الذي جاء قبل أوانه. عندما تتفتح شهيتك للكلام. لا تشبهين الاخريات اللئي يئنن و يكثرن الحديث, وكأنهن إبتلعن كل راديوهات العالم. أما أنت. تبتسمين و تحركين شفتيك في هدوء و لا تقولين أكثر من جملتين أو أكثر. أفهم منهما الكثير. بدوت يا ملاكي تائهة في  ذكرياتك, البعيدة والقريبة, ربما كنت تحاولين إقامة بيت في الهواء. أو تسندي جدران عمرك حتى تقينها من السقوط, أو أن تكتبي ردودك على الاسئلة الموجهة إليك. على وجه الماء. أعلم أن قصتك مطمورة في حبه الفؤاد. وفي أبعد مكان عن حنجرتك. أحس بك بذاخلي, وكانك روحي. لكن لا أحمل في يدي ذلك السر أو الحل العجيب الذي سيخرجك من أرضك السرابية. سوى قلبا كبيرا مشبعا بحبك الابدي. هو رجائي و عزائي و هديتي لك. أنت الانثى الغريبة التي تجري دمائها في عروقي. و تعيش قصتها بداخلي أنت حب الحياة التي ظلت نفسي كل هذه المدة تبحث عنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق